ما حدث معي
صمت برهة ثم فاجأها قائلاً :
يبدو أنك يا سيدة سميحة لم تتعلمي كيف تكونين لطيفة مع الرجال ، وبالأخص الشباب منهم ، فأنا كما تعلمين شاب ووسيم أيضاً ، ولا أخفي عليك أنني أشعر هذه الأيام بميل عجيب نحو النساء ، وتنقصني بعض الخبرة ، وطالما أنك تكبرينني بخمسة عشر عاماً على الأقل ، فأشعر أننا مكملان لبعضنا ، فأنت تملكين الخبرة ، وأنا أملك الصحة والوسامة ، ما رأيك أن نتشارك في هذا اليوم .
ثم قال : إن في عينيك يا سيدة سميحة صلف ، وغطرسة ، لا يمكنني التفكير في غيرهما ، في مثل هذه الأيام المجدبة إلا من عذوبة حضورك ، لكنه – والحق يقال – أن هاتين العينين تطبقان على وهج جميل وآسر ، ولا يمكن لوجهي الصغير هذا احتماله ، ولا يمكن لضآلتي التي تعرفينها ، لا يمكن لها أن تتسع كل هذا البهاء ، صحيح أن صمتك يمزق كبدي ، وأجزاء من قلبي ، لكنني من المحتمل أن أراهن أنك طيبة القلب ، ولأنني مصمم على ذلك ، فقد حاولت أن أزيل معظم الحواجز النفسية بيننا ، لأنني أشعر أننا كائنان خلقا بلا حواجز نفسية ، إنك رائعة يا سيدتي ، وأكثر جمالاً تبدين ، كلما ناظرتك ، لكنك عندما تحولين بصرك عني ، وتنظرين بلا مبالاة نحو ركبتيك ، أشعر أنك تجعلينني أتلثم ، وأكاد أجزم أن عينيك وركبتيك تناقشان مصيري في تلك اللحظة .
ثم قال : إن امرأة رائعة مثلك لا تجعلني أكف عن النظر إليها ، وإسداء عبارات المديح ، أستحق منها أن تقوم معي الآن كي نبحث عن مكان جديد نناقش فيه بعض الأمور ، ونحن أكثر التصاقاً ، فالحميمية هي القرب بعينه ، وأي حميمية أنعم بها الآن وذراعان يبعدانك عني .
ثم قال : لكن صمتك اللذيذ هذا يجعلني أفكر بالتفاؤل ، فهو يكسبك جمالاً فوق جمالك المتناثر فوق رأسي ، أنا يا سيدتي أصبحت أقشعر من العشق ، ويكاد فمي ينقض على شفتيك دون وعي منه .
ثم قال : أما رمشاك الأثيران فهما يلتقيان مع بعضهما بحنو بالغ ، عندما يلتحمان ، أشعر أنهما يتفقان على عقد صفقة من الحب ، ربما لن يدرك ذلك الحنو الشفيف سوى رجل مثلي ، وأظنك توافقينني الرأي ، أما أنفك الذي يبزغ كرأس أرنب صغير ووديع ، لا يمكنني فعل شيء تجاهه سوى الانحناء .
فتحت فمها أخيراً وقالت : إنك تدخن بشهية مفعمة بالارتياح يا سيدي، ولا أدري لماذا لم يقتلك التدخين بعد .
ولأنني رجل مغرر به ، وبالأحرى تم التغرير به على درجة قاسية ، الكل عرف بهذه المأساة التي حصلت لي ، لا أنكر أنني حصلت
على بعض المواساة وعبارات العزاء من قبل رجال أصدقاء ونساء أيضاً .
-محمود العزامي-
Labels:
مجلة فوضويات-العدد الأول
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment